اللبن المسكوب

اللبن المسكوب


إذا جرحك أحدهم يوماً.. واختار البعد رغم علمه التام بأن البعد يسبب لك الألم والحزن.. وقد يعني المــوت.. ثم.. رجــع نــادماً.. متحسراً.. راجيــاً منكم السماح على غيــابه..
فلا تسامحه..
فمن جرحــكم مــرة..
سوف يجرحكم ألف مــرة..


وإن حنَِ قلـبك عليه.. فقاوم طيبة قلبك بكل ما أوتيت من قــوة..
لأن هذا الشخص لا يستحق أحــاسيسك الصادقة.. ولا العودة للحظة إلى قلبك لأنه أطهر أن يستقبل أمثال هذا الشخص..

وخير نفسك بين أن تكون قاسي في موقف يستحق القســـوة..
أو أن تكون ضعيف القلب أو بمعنى أصح غبي.. في موقف أنتم أعلم بعواقبه الأليمة..


أول الهمــــس:

البعض يتعمد أن يكسر الكأس.. ويسكب اللبن.. كي يمارس هواية البكاء على اللبن المسكوب


ترى..إذا كان قلبك هو الكأس المكسورة..
ومشاعرك هي اللبن المسكوب..
فكم مرة كُسرت تلك الكأس؟
وكم مرة سُكِب ذلك اللبن؟


في لحظــات الحب الصــــادقة..
تفتـــح أبواب القلوب..
وjجود بالحــب بلا تردد..
وتمنح الأمـــان بلا حــدود..
وتغمض عيناك على حلمك الجميـــل..
وتعيــــش له.. ومن أجله..


وفي غمـــرة الحــب..
وغمـــرة الحلم..
وغمـــرة العطـــاء..
تنسى اتقــــاء شــر من أحسنّت إليه..
وتغمض عيناك على طيفه الجميـــل..
آمنيــــن.. مطمئنيـــن به..
ولا يوقظك من لــذة أحلامك معه..
سوى طعنــــــــة الغــــــدر التي تستقــر في قلـــوبنا..
وصــوت انكســار أحلامنـــا الذي يهـــز أركاننا..


وتنكـــسر الكأس..
وينسكب اللبن..
ويصيــبنا الموقف بالذهـــول..
ويصعــب عليــنا استيــعاب الموقف..
ويرعبـــنا تصــور الحيــاة من دونــه..


وتبـــكي خلفه كالأطفــــــال..
وتنحني حـــــزناً..
وتنكسر ألمــــاً..
وتناديه بأعلى صوتك..
وترجــوه ألاّ يرحل..
وتتـــوسل اليه أن يعــــود..
لكـــــــــن.. لا مجيـــــــب!!!


وبعد دوامـــــة من الحزن والضيــاع والألم..
تعــــود إلى نفسك من جديــــــد..
تبحث عن ذاتك مرةً أخرى..
وتحـــــاول جاهداً إصلاح أعمــاقك..
وترميـــم أحلامك المحطمة..
وتترك بقــايــــاه خلفك
وتطوي صفحته إلى الأبـــــــــــــــد..
وفي قمـــــة نسيـــانه..
يعــود إليـــك..
يطرق بابك من جديــد..
يحـــاول إحيــاء الحب الميـــت من جديـــد..
ويسرد القصص الكـــــاذبة..
يسرد أعــذاره الواهيـــة..
يقدم لقلبك اعتــذاره..المتـــأخر جــداً..


وينتظر منـك..
أن تفتح له بابك من جديــد..
أن تحســن استقبالهم من جديــد..
أن ترقـــص لعودته فرحــاً..
أن تنسى كـــل العــــذاب الذي عايشته في غيــــابه..
أن تنسى كـــل الدمـــوع التي سفكتـها عند رحيـــله..


مثل هؤلاء..
يحبــون أنفسهـــم كثيـــــراً..
ويظنــون أن الحيـــاة تتوقف في غيـــابهم..
و يخيّـــــل إليهم غرورهم.. أنهم سيملكون مفــاتيح قلبك..
إلى الأبـــد..
أنه يملك حق العــودة إليك متى شاء..
وأنك ستضيـّـع أيــــامك في انتظـــار إشـــارته الخضـــراء..
كي تنطلق نحــوه من جديــد..
وانك ستقضي عمرك في البكــاء على أطلاله المهجورة..


لكنه يُذهَـــل..
ويصــاب بشيء من الصدمـــة..
حيـــن يكتشف أن الحيــاة مازالت مستمــرة..
يرى وجــودك غير مرتبط بوجـــوده..
و قلبك الصــادق لم يعد يتسع له.
و دمــوعك عليــه قد جفّــــت منذ زمن..
و نصفك الآخـــر لم يعــد يشبهه في شيء..
و صلاحيـــته قد انتهت لديــك تمـــــاماً..

وعندها فقط..
يتخبط بالمفاجأة كما تخبطت..
يتعثر بالصدمة كما تعثرت..
ويطرق بابك كما طرقت بابه..
ويبكـي خلفك كما بكيــت خلفه..
لكن بكاءه لا يجدي نفعاً..
لأنه يكـــون بكــاءٌ على اللبن المسكــــوب..


آخـــر الهمـــس:

إذا كسرت الكأس يومــاً..
فلا تحاول إصلاحها.. فلن تعـــود كما كــانت أبــداً..
وإذا سكبت اللبن يومـــاً..
فلا تبكِ عليـــه..
فلن ينفعك البكـــاء على اللبن المسكــوب في شيء